أهلا بقرائنا الأعزاء..بعد هذا الانقطاع الطويل..نعود اليكم اليوم بهذا المقال المتواضع..يحدونا الأمل أن ينال اعجابكم..و نعد بالتزام أكبر ان شاء الله فى الأيام القادمه..اذ أننا لا ننوى أن نهجر هذة المدونة الحبيبة مرة أخرى
موضوعنا اليوم يتحدث عن مقارنة موضوعية لمباراتين فى لعبه كرة القدم..
لا شك أننا تابعنا-بكثير من شغف-الأحداث المؤسفة التى صاحبت لقاء المنتخب المصرى لكرة القدم فى مواجهه (شقيقة) الجزائرى..اتهامات متبادلة بين الطرفين بارتكاب أعمال تصل فى كثير من الأحيان الى الوصف (غير متحضرة) اتهمناهم بالخداع و ادعاء الاصابة و تحطيم الحافلة و الهرطقة ..و اتهمونا بالعنف و السب و الزندقة !!؟
ذهبنا للقاء فاصل فى السودان..و فى ذلك حدث ولا حرج..أسلحة بيضاء و بذاءات لا حصر لها..مطاردات و اعتراض و قتال و كأنها حرب..لا مجرد مباراه فى كرة قدم بين شقيقين يربطهما الكثير من الوشائج التاريخيه و الثقافية..يربطهما دين و لغه و حضارة..
ذهبت بعض الآراء الجامحه الى حد المطالبة باعلان الحرب على الجزائر!! ..صدقونى..فأنا لا أمزح..أسمع هذا الكلام حتى الآن فأضحك..ثم أرغب بشدة فى أن أبكى
مابالنا !؟ ما الذى اعترانا جميعا !؟ هل سنتقاتل و نتفرق من أجل مباراه كرة قدم مهما بلغت درجه أهميتها!!؟
انتهت المأساه بقطيعه شعبية متبادلة و كرة دفين ودرجه من التعصب الأحمق بين الشعبين كافية لاحداث كوارث لا يعلم مداها الا الله
حولنا الرياضة التى تجمع بين الشعوب و تقرب بين الأمم الى ساحة حرب و كراهية و حقد..أرجوك يا عزيزى القارىء لا تسارع فى اتهام اى طرف و لا تطلب منى أن أوجة اللوم الى طرف دون الآخر و اتهامة بكل النقائص..فالماضى ولّى بما فية..و بقي لنا الألم و الذكرى و الكراهية..
دعونا نرجع للتاريخ-فهو أكبر معلم للبشرية كلها- و نلجأ الية بالسؤال: ماذا فعلت أمم أخرى فى مثل هذة المواقف؟
سيقلب التاريخ أوراقه فى مهابة و حكمة و يطلعنا على صفحه من أمجد ما يمكن أن نقرأ فى الرياضة..صفحه مكتوب فى مقدمتها
..فلنقرأ..و لنعتبر
يروى التاريخ لنا وقائع ما حدث فى نهائى كأس العالم لكرة القدم عام 1954 بين فريقى ألمانيا الغربية و المجر..كانت الأخيرة وقتها أعظم فرق الكرة فى العالم..4 سنوات متتالية لم يذق فيها هذا الفريق العتيد طعم الخسارة على يد أى منتخب فى قارات العالم الست !! و ضم هذا الفريق أفضل لاعبى العالم أمثال " بوشكاش"قائد الفريق الملكى "ريال مدريد" و كذلك "هيديكوتى"و الحارس العملاق"جروتشيتش"و غيرهم من اللاعبين الأفذاذ
التقى الفريقان فى الدور الأول من البطولة و انتهى اللقاء وقتها بالنتيجة المنتظرة..فوز كاسح للفريق الهنجارى على الألمان بثمانية أهداف لثلاثة..لعب وقتها الألمان بالفريق الثانى لضمانهم الصعود للدور التالى
كانت ألمانيا آنذاك تعانى من انهيار شامل..9 سنوات بعد حرب ضروس..أرهقت الأمة الألمانية و مزقتها و أضعفتها كثيرا
يقال – و العهدة على الراوى- أن بعض لاعبى الفريق الألمانى لعبوا المباراه النهائية بأحذية ممزقة لعدم قدرة الدولة آنذاك توفير مجرد الاحتياجات الأولية للاعب كرة قدم
بدأت المباراه..تقدم المجريون بهف..اثنين..ظن الجميع أن الثمانية ستعود مرة أخرى..الا أن الألمان كان لهم رأى آخر..انتفضوا و تكاتفوا و تعملقوا..و نجحوا فى التعادل قبل نهاية الشوط الأول..مما دفع المذيع الألمانى الذى أذاع اللقاء الى القول بالحرف الواحد"لقد تعادلنا..و هذا أكثر مما حلمنا بة..سألت أربعين صحفيا عن توقعهم للمباراه النهائية..أخبرنى واحد منهم فقط..ألمانيا ستفوز..بين شوطى المباراه..أعتقد ان الأصوات فى كلا الجانبين متساوية"
حدث ما اصطلح لاحقا على تسميتة"معجزة برن" و أحرز "هيلموت ران" الهدف المعجزة و سط دهشة الآلاف التى احتشدت فى ملعب المباراه..و ذهول كل من تابع المباراه..
ست دقائق..صمد اللاعبون الألمان الذين جاء بعضهم من المعتقلات بعد الحرب..استبسل "فريتز فالتر" قائد الفريق و رفاقة و دافعوا باخلاص حقيقى عن "المعجزه" حتى أطلق الحكم صافرتة ذاهلا..و أعلن فوز فريق نصف الدولة المتألم لما أصابة من محن بعد الحرب..صرخ المذيع الألمانى(و اسمة هيربرت تسيمرمان)"قائلا
"انتهت..انتهت..انتهت..المباراه انتهت..ألمانيا بطلة العالم"
و أخذ المذيع يبكى دموع الفرح..و بكت الأمة الألمانية يومها بكاء شديدا
منذ حوالى ست سنوات تم انتاج فيلم اسمه"معجزة برن" يروى تفاصيل هذة الملحمه..و يروى أيضا أن المستشار الالمانى وقتذاك"جيرهارد شرويدر" و كل الحضور فى دار العرض انهمرت دموعهم بغزارة أثناء الفيلم
يقول لنا التاريخ و الكثير من النقاد و المتابعين أن هذة المباراه بالتحديد ألهمت الأمه الألمانية الكثير..و كانت سببا رئيسيا فى النهضة الاقتصادية التى تلت ذلك( ما يسمى ب "معجزة ايرهارد") و من ثم عودة ألمانيا الى مكانتها و كونها احدى الدول العظمى فى معجزه أخرى من معجزات التاريخ الملهمة
نحن اذا أمام مباراه أيقظت ارادة أمة..و فيلم أحيا ارادة شعب
ما أحوجنا أن نتأمل و نفكر..هل هؤلاء الناس أفضل منا ؟ هل أعطاهم الله-سبحانة- ما لم يعطنا؟
لا و الله..اننا و هم سواء..و لكنهم صبروا و ثابروا و اتقنوا العمل فى كل شىء..حتى فى الرياضة..فصنعوا تاريخا مجيدا و نهضة مشرفه و مثالا يحتذى بة لكل البشرية..فى الصبر..و الكفاح.. و الاتقان
اعتذر من الجميع للاطاله..و أرجو ألا أكون قد أثقلت عليكم
و أتمنى من الله أن تنتهى "زوبعه الفنجان" بين الأشقاء على خير
ألقاكم على خير..مع"معجزات"أخرى..باذن الله